Translate

الأربعاء، 19 يونيو 2019

توجيه الطاقات بين الواقع والطموح .. علي التميمي

توجيه الطاقات بين الواقع والطموح

علي التميمي

فاعلية الفرد في المجتمع هي نتاج البناء الروحي والمعرفي والتربوي السليم، والمجتمع بقيمه ومبادئه يجب أن يتلائم مع قدرات الفرد، لتفعيل الدور الانجازي الحضاري من منطلق الجاهزية المعرفية والعقلية، ويتطلب ذلك حركة قوية بحصانة معرفية ومهاراتية تشارك في دور الانجاز، وهو بحاجة الى الاصلاح التربوي وإعداد كوادر ومؤهلات تستخرج المعارف وتطور المهارات، وهذا لا يمكن أن يتحقق ما لم يغادر الفرد لغة الأنا، ومصالحها الضيقة الى مستوى المجتمع وتطلعاته، وقياس ذلك لا يتم بحجم المعلومات المتوفرة في ذهنه، وإنما بمدى مساهمته الجادة بمشروع دولة حضارية، كذلك بمدى إلتزامه بتطلعاتها وهمومها .
إن رجل الاقتصاد والمال مثلا لم يمتلك تأثيره في محيطه الاجتماعي من وجود الثروة وحدها، وإنما عند تحويل أمكاناته المادية الى مجموعة حقائق أقتصادية تجارية، بالتالي مارس رجل الاقتصاد دوره في المجتمع عن طريق هذه الحقائق، كذلك الامر بالنسبة للسياسي والمثقف والعالم، ينبغي أن لا يكتفي بنتاجه النظري، فمن الضروري أن يسند أنشطته بحقائق علمية تمنحها الاستمرارية، ففاعلية القول المجرد من التأثير ضعيفة، وبذلك يجعل منه خارج الحراك الحضاري المتجه للتطور .
 فكرة التوجيه بصفة عامة هي قوة في الاساس ووحدة الهدف، فكم من طاقات وقوى لم تستخدم لعدم المعرفة بطريقة تكتلها، وأخرى ضاعت فلم تحقق هدفها لأنها لم توجه نحو إمتلاك حصانة الفاعلية، التوجيه المقصود هنا هو تجنب الاسراف في الجهد والوقت، فهناك ملايين السواعد العاملة والعقول المفكرة صالحة لأن تستخدم في كل وقت، المهم في كل ذلك هو إدارة هذه الطاقات في أحسن الظروف، وهكذا فأن غياب الأستراتيجية وعدم الاستثمار واضح، ألقى بظلاله على تردي الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وعليه فهي عوامل تبرز مستوى فشل المنظومة التربوية وضياع أهم أهدافها، وهو أيجاد أفراد فعّالين داخل المنظومة المجتمعية، نتج عنه أيضا شعور بعدم الثقة بالنفس والى السلبية في مواجهة التحديات، مما جعل الكثير من الشباب يتجه لممارسات أجتماعية سلبية، أخطرها الاتكالية والهروب من الواقع، وهو الطريق الاقرب للتطرف الايديولوجي والديني .
البحث عن مخرج لذلك ليس بالشيء السهل لكنه ليس مستحيلا، فهو أنتقال من حالة تكديس الاشياء الى البناء والمشاركة والانجاز، من المطالبة بالحقوق الى القيام بالواجب أولا، كذلك الانتقال من عالم الاشياء والاشخاص الى عالم الافكار، التي بها نبدأ بحل مشكلة الاتكالية، والوصول الى قناعة حتمية بأن مفاتيح حل المشكلات هي من الذات لا عند الآخر، وأسترداد فاعلية الشباب رهن ثقافة الامتياز والانجاز، دون تضييع الوقت في الرد على المنافسين، والخوض في جدالات سلبية تحيط بمشروع بناء دولة قوية، والسر كل السر بالمضي قدما نحو تحقيق النجاح، والرهان ليس بالرد على كل ما يعيقه وإنما في التميز بالإداء والتفوق بالعطاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق