عبدالزهرة خالد
كل عام وأنت ( جبار )*
———————
حان وقت ذكراك
فعلى الأقلامِ الوضوء بندى الأنين
وتخلع السطور خطوطها
عند محرابك العتيد..
كلّما بزغ فجر
من أضلعي يتبخرُ الضباب
ريح الحنين يحملُ جماهيرَ الغيوم
تتجه نحو مدينتك القفارِ
تحلم بوجهِكَ الضحوك
ربّما يمطرُ مرةً على صحاري السنين ،
عيناي تبحثُ في اللّيلِ العقيم
عن تلافيف الغياب
لعلي أعثر على قطعةٍ
من قميصكَ الذي قطعته المنية
إلى نصفين ، عندك اليمين وعندي الشمال .
وسط الحزن الصاخب
كنتُ أسمع عزفَ نايك الباقي
في صيوان حياتي
يراقصني من بعيد وما أملكُ قوةً
أخرُّ راكعاً على ركبتي
فوق منصةِ التأريخ … أنا الباقي الباكي
أمثل كالممثلين وأتلو كالمنشدين
سورة المغيبِ بآيةٍ من أماكنِ الوجود
المفجوع بغيابِكَ الطويل
لا مردّ له … ولا يروم الرجوع
لو عزفت كلّ قناديل الدنيا
سمفونيةً تليق بدروبِ العتمةِ في فراغاتي
لكانت للسدرةِ الوحيدةِ الحلم اليقين
أية أبجديةٍ تسعفني في سدِّ الثغرات
وقد يشغلُ إنكساراتي صبر الصخور
أقولُ متيقناً أن اللغاتَ يتوجها الرثاء
عندما يحلّ اسمُكَ مع الحضور
ثمَّ طيفكَ يطعمُ الهواءَ قارورةً من نسيم .
جبار … يا نهري الخالد
لم تجبرني الشيخوخة على نسيانك
ولا مرض العظام يمنعني من العبور
مادامت شفتاي ترتوي من ينابيع الخيال
كأنني العطش المكسور الخاطر برشفةٍ من أثير
جبار … يا خازن أحزاني وحقائب مسراتي المغلقة
جئتُ إليك مسرعاً قبل طوفان العواطف
أجتاز عتبةَ الشعور
لأخبرك ما فعلت بيّ الفصول
صدقني لم تنعم أناملي
بالسعادةِ وأنتَ محفوف بالقبور
جبار … يا الولي الجبري
ورثت منك ضياعي ووحدتي
ورضيتُ في قسمتي
بقيت للأسى الوريث
أنا الغريبُ دونك في هذا الوطن
إلى اليومِ لم أجد اسماً يطابق طولك وفرعك
أنتَ المشدودُ كالغصن بخاصرتي
تتغذى منك الأصول
جبار … كم عذبني فراقك
وضاعت من قواميسي مفردة " الأخ الوحيد "
هل لي بقدحٍ مملوء بالتلاقي
كي أسكبه على رمادِ الفراق
وأخمد الجمر المكنون
أنا الضمآن على صوتك
تراكم الضنك على الحياةِ
كندباتٍ فوق القلوب ما يشطبها إلا الأفول
ما علِمَ الموتُ كم كنتُ أعزّك
أنه نادمٌ الآن على فعلته من شدةِ إلحاحي فيك
جبار … طالت علي ثياب الليالي السود
أنا النحيف …
أنا القصير …
تزحف خلف ظلّي
وتمسح أفعالي بأذيالها
فيما أنت بقيت معلقاً
كالجنين في حشاشتي لا يهمه إتمام الشهور ..
جبار … لي كلام ونحيب بعلو الجبال
أخشى على الناس
من أنسياب الدموع
في كل عام أتوقع آخر قصيدة
أكتبها لك … نهاية كلّ ربيع
منْ يجبر خاطري ، بقية العمر ،
غير طيفك يسكن ذهني
ويجاور حزبكَ بالي من كلّ الجوانب
البرهان واضح للعيان
ابعثْ وحياً يأتيني منك على حين غفلة
ليرى روحك تداعب روحي وقد يوحدنا المصير
رغم عني توحدتُ مع النصيب
نمْ قرير العين فمعك أمي وأبي
وبعضاً من أخواتي
أنا الوحيد مكتوب في السجلات
منزوع من الجاه والألقاب
جبار دلني دروب العبارت
لقد جابت الدموع مقلاتي
وتاهت على الأقلامِ الشهود
سأحتفل هذه الليلة
مع شموع الفرقة … يتهاوى الضياء
على صحون مواساتي..
أنا الضعيف ، الضئيل
لكن أملك بحاراً من الآهات
بالله عليك أأرتويت من غصاتي ؟!
فمازالت أحلامي تستغيث من شهقاتي ..
———————
البصرة / ٢٩-٤-٢٠١٩
*جبار / أخي الوحيد توفي في حادث بتاريخ ٢٩-٤-١٩٧٦ وهو في المرحلة الثالثة / كلية الزراعة - جامعة بغداد.
كل عام وأنت ( جبار )*
———————
حان وقت ذكراك
فعلى الأقلامِ الوضوء بندى الأنين
وتخلع السطور خطوطها
عند محرابك العتيد..
كلّما بزغ فجر
من أضلعي يتبخرُ الضباب
ريح الحنين يحملُ جماهيرَ الغيوم
تتجه نحو مدينتك القفارِ
تحلم بوجهِكَ الضحوك
ربّما يمطرُ مرةً على صحاري السنين ،
عيناي تبحثُ في اللّيلِ العقيم
عن تلافيف الغياب
لعلي أعثر على قطعةٍ
من قميصكَ الذي قطعته المنية
إلى نصفين ، عندك اليمين وعندي الشمال .
وسط الحزن الصاخب
كنتُ أسمع عزفَ نايك الباقي
في صيوان حياتي
يراقصني من بعيد وما أملكُ قوةً
أخرُّ راكعاً على ركبتي
فوق منصةِ التأريخ … أنا الباقي الباكي
أمثل كالممثلين وأتلو كالمنشدين
سورة المغيبِ بآيةٍ من أماكنِ الوجود
المفجوع بغيابِكَ الطويل
لا مردّ له … ولا يروم الرجوع
لو عزفت كلّ قناديل الدنيا
سمفونيةً تليق بدروبِ العتمةِ في فراغاتي
لكانت للسدرةِ الوحيدةِ الحلم اليقين
أية أبجديةٍ تسعفني في سدِّ الثغرات
وقد يشغلُ إنكساراتي صبر الصخور
أقولُ متيقناً أن اللغاتَ يتوجها الرثاء
عندما يحلّ اسمُكَ مع الحضور
ثمَّ طيفكَ يطعمُ الهواءَ قارورةً من نسيم .
جبار … يا نهري الخالد
لم تجبرني الشيخوخة على نسيانك
ولا مرض العظام يمنعني من العبور
مادامت شفتاي ترتوي من ينابيع الخيال
كأنني العطش المكسور الخاطر برشفةٍ من أثير
جبار … يا خازن أحزاني وحقائب مسراتي المغلقة
جئتُ إليك مسرعاً قبل طوفان العواطف
أجتاز عتبةَ الشعور
لأخبرك ما فعلت بيّ الفصول
صدقني لم تنعم أناملي
بالسعادةِ وأنتَ محفوف بالقبور
جبار … يا الولي الجبري
ورثت منك ضياعي ووحدتي
ورضيتُ في قسمتي
بقيت للأسى الوريث
أنا الغريبُ دونك في هذا الوطن
إلى اليومِ لم أجد اسماً يطابق طولك وفرعك
أنتَ المشدودُ كالغصن بخاصرتي
تتغذى منك الأصول
جبار … كم عذبني فراقك
وضاعت من قواميسي مفردة " الأخ الوحيد "
هل لي بقدحٍ مملوء بالتلاقي
كي أسكبه على رمادِ الفراق
وأخمد الجمر المكنون
أنا الضمآن على صوتك
تراكم الضنك على الحياةِ
كندباتٍ فوق القلوب ما يشطبها إلا الأفول
ما علِمَ الموتُ كم كنتُ أعزّك
أنه نادمٌ الآن على فعلته من شدةِ إلحاحي فيك
جبار … طالت علي ثياب الليالي السود
أنا النحيف …
أنا القصير …
تزحف خلف ظلّي
وتمسح أفعالي بأذيالها
فيما أنت بقيت معلقاً
كالجنين في حشاشتي لا يهمه إتمام الشهور ..
جبار … لي كلام ونحيب بعلو الجبال
أخشى على الناس
من أنسياب الدموع
في كل عام أتوقع آخر قصيدة
أكتبها لك … نهاية كلّ ربيع
منْ يجبر خاطري ، بقية العمر ،
غير طيفك يسكن ذهني
ويجاور حزبكَ بالي من كلّ الجوانب
البرهان واضح للعيان
ابعثْ وحياً يأتيني منك على حين غفلة
ليرى روحك تداعب روحي وقد يوحدنا المصير
رغم عني توحدتُ مع النصيب
نمْ قرير العين فمعك أمي وأبي
وبعضاً من أخواتي
أنا الوحيد مكتوب في السجلات
منزوع من الجاه والألقاب
جبار دلني دروب العبارت
لقد جابت الدموع مقلاتي
وتاهت على الأقلامِ الشهود
سأحتفل هذه الليلة
مع شموع الفرقة … يتهاوى الضياء
على صحون مواساتي..
أنا الضعيف ، الضئيل
لكن أملك بحاراً من الآهات
بالله عليك أأرتويت من غصاتي ؟!
فمازالت أحلامي تستغيث من شهقاتي ..
———————
البصرة / ٢٩-٤-٢٠١٩
*جبار / أخي الوحيد توفي في حادث بتاريخ ٢٩-٤-١٩٧٦ وهو في المرحلة الثالثة / كلية الزراعة - جامعة بغداد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق