Translate

الثلاثاء، 28 مايو 2019

ق.ق دمعة عصفور .. عصام الفتلاوي

عصام الفتلاوي

عـنــوان الـقـصــة ...

 :: دمـعــــة عـصفــور ::

كان يحلق سابحا ً في ذلـك الفضاء الرحب يعانق بريق الشمس الذي تعكسه سطوح الغمام المتناثر هنا وهناك في عنان السماء..كان سربا ً من العصافير الذي يجـوب الآفــاق طــولا ً وعرضاً.. لم يفتقد السرب عصفورا ً من مجموعه.حتى إنه كان يزداد في كل منطقـة يحـط على أراضيها فينخرط عصفوراً أو أكثر بين صفوف ذلك الـسرب بحيث يحلـق بينـه وبيـن بقية    العصافيرالنشطة إلفة ً وعلاقة قوية..لايقوى أحد منهم على مفارقة الآخرين وتركهم برهة من الزمن..كأن الحرية والسعادة قد رابطت في أحضان السرب فتحل معه أينما يحل .... وتظللهم أطوارا ً من البهجة حيثما نزل أو واصل الطيران متمتعاً في تفحّص أسباب الخلق. بوصلة من وصلات الخُـلق..كأنه ينتدب إليه ظيفا ً..ويأمل الإضافة إلى سربه صفــا ً.....
وفجأة صمت فلن يزقزق حرفا ً..فقد لمح من أعالي الجو شجرة طويـلــة الجــذع.. عملاقــة الحجم..متشعّبة الأغصان..كثيفة الأوراق..كثيرة الثمار..كريمة العطاء.. فوجد فيها مستقــراً ومقاما ً..لأجل مسمى لايعدو أياما ً..فجاءوا على غصن منها فلم يـتحمـل ثـقـلهـم لأنــه كـان هشيما ً مكسورا ً فوقع وإذا به يتفتت إلى قطع مبعثرة على الأرض.فتخيّر العصافير غصناً    آخر فحطوا عليه وإذا به هو الآخر لم يستطع الصمود أمام عددهم من جهة ونخر الدود لـه    من جهة أخرى..فهوى إلى الأرض ولكن كان عليه هذه المرة عصفوراً قد سقط معه حيـث    كان سقوطه على كومة أوراق شديدة الطراوة..فلفتت إنتباه تلـك المجموعــة ذات الـنـشـاط    الفعال زقزقة ذلـك العصفور التي لم تهدأ بعد..فأخذ يمشي سريعاً حول تلـك الجذع الوعرة   يدور ويصول..فتتعالى زقزقاته ويستمر دورانه حول تـلك الجذع..إلى أن هدأت حومـتـــه وسكنت ثـورته..وإذا به يرمي بنفسه إلى الأرض التي تمتليء بألياف الأغصان المـيتــة... وتعجّ بالسيقان اللـّينة الرطبة..حتى أنها تبدو خضراء لاقساوة فيها ولاصلادة.فسكنت نفسه  فغفا ..حتى إستراح برهة..فأيقظته العصافير التي تكون ذلك السرب وكأنها مندهشـة مـــن  وضع ذلـك الفتى العصفور..فندبت منه مرتلة زقزقة الصباح..مستغـربـة لما أصابـتـه بـــه  تـلك الرياح العاتية هذه الشجرة الكبيرة التي سقط ذلـك العصفور من عليهـا بسـبـب عــد م  إنتباههم لضعفها ووهن أغصانها أولا ً..وإلى حرج وضعيته ثـانيا ً.فمـا كـان مـنهـم إلا ّ أن  سئلوه..ما بالك.؟ لماذا لاتمتطي الرياح مثل ما فعلنا لتجوب معنا آفاق الفضاء..فواسعٌ هـــو الفضاء.. ورحبة هي الآفاق..وفي إتساع مستمر هي السماء..فقم وحلـّق وإيانا ففي صحبتنـا
رجاء.فالطير يعشق الأجواء.ويرنو إلى حرية بلا إغواء.لنمرح ونلهو في كل هذي الأنحاء فأخذ العصفور يزقزق..يعاثر..يحاول..ولكن بلا جدوى ً ولا طائل..فراح الدمع من مقلتيـه ينهمر..كأنه في غزارته المطر..زقزق معلنا ً بأن جناحه إنكسر.. فليس بمقدوره التجوال أو السفر.ذلـك أن رصاصة طائشة قد نسفت ذلـك الجناح المسكين عندما كان يحلق في أعالي الفضاء الفسيح.وقد وقع على ذلـك الغصن الهش الذي ما كان منه إلا ّأن إنهار بعد إستقرار عدد من الطيور على ساقه..فتخلـّى عن إحتمالي..وأوكلني إلى سافل جذع في هذه البراري حتى كدت أركن إلى تلـك الصحاري..لأسترجع ذكرى أيامي الخوالي..ولكن أصـر سـرب العصافير على أصطحابه معه..وكأنه قد حالت غمامة بيضاء بيــن بصيـرتـه وواقــع ذلـك
العصفور الوحيد..فعاودت دموعه تنسكب من جديد..وكأنه يصوغ منها زقزقة الفجر... ليهتف بهتاف الحقيقة..بأنه لايملك جناح..ليس لديه أي جناح..فكيف له أن يطـيـــر...؟. وكيف له أن يحلـّق إلى عـنان السمـاء...؟؟.....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق