Translate

السبت، 18 مايو 2019

ق.ق ذخيرة الأيام.. عصام الفتلاوي

عصام الفتلاوي

عـــنــوان القـصــة ..
:: ذ خــيــر ة الأ يـّــا م ::

أصبح طموحه كبيراً..ونمت بين حناياها آمالا ً عريضة ً..عندما إكتشف ذلـك المكافح البسيط أن ظنونه في محلـها..وعواقـب تصوراتــه تتخذ مواضعها فيمـا يقدم من الواقع الجريء..فزاده ذلـك إصراراً على المضيّ في مشواره الطويل وحيداً..غريبا ً.بعد أن فقد أحباءاً له كانوا بمثابة الظهير القوي من ورائه..والسَـنـَد العتيد له في زمن عزّ فيه الولـّي..وأفتقِد خلاله الوفيّ الحلـيم فأخذ يحذر نفسه قبل أن يخشى غيرها..ويظمر زاوية من تفكيره هي الأكثر إتقادا ًمعتبراً إياهـا إحتياطيا ًوخزيناً واهبا ً عندما تغادر الفـِكر..ونبعا ً صافيا ً حينما تجفّ المنابع..وإذا به يجــري بين هاتيك التوجسات المخيفة..وبين ما يرتئيه من مسعى يخاله صوابا ً..ناذرا ً جلّ مقاصده لما يقتضي توفير أسباب الأمان حول ما تؤول إليه قراراته وما تتمخض عنه من وقائع يتعامـــل معها..وهو في كلّ ذلـك يهاجر من قنطرة إلى أخرى..يتقي خلالها أن تزل قدمه فيهوي بعيــد اً عن مآربه في أكناف الماضي السحيق..ويخاف عثرة تودي بآماله بين أمواج بحر عا تيــــة...فإذا تخطـّى عقبات ما صادفه في طريقه..كاد يكبو عند نهاية كل جادّة ٍ لـولا ربا طــة جأ شــه وصدق إيمانه..كأنـّه يستمتع بما جاد به الدهر عليه من دواه ٍ وما قد ألفه في ربوع بصيرتــــه من سفرٍ شاق ٍّ لايعرف له محطة ولا يشعر في ثناياه بخفوت أ ُواره..فلا بد من عزم يكمل ما بدأه ولا بد من راع ٍ يرافقه في مسافات لايرى أفقـا ً لها..حتى كان القرار فراق لضميره مـــع قساوته الشديدة وصعوبة آثاره المعقدة..مالَ إلى إثراء إقدامه مع ما ينتابه من قلق لوحشة النفق وكثرة الوحوش..ووعورة الأرض الهامدة من تحته..فأصاب الكلل قدميه اللتين يمتطيهما وسط تلـك البوادي المقفرة..وتسللّ الإنهاك إلى جسده العليل قبل أن يـذبـل الـفؤاد الـمعنـّى مـن ذ لـك المسكـين..الشارد في ذهنه إلى غايات الأمان والإستقرار..مفتشاً عن مسـالـكها..بـاحثـا ً عــن سبلها في كل الإتجاهات كأنه قد جالَ في سابق الزمان فلم يألفها وصال في لاحق الفترات فظلّ مقبل على باديات الملامح منها..ولكنه مشفقٌ من أغوار مدياتها..داخلٌ في شتات حيرة لاعــدل لها..مشرفٌ على دواع ٍ من الشبهة لادلـيـل فـيهـا..حـتى إذا هـوى عـلى رمـا ل تـلك الصحراء المترامية الأطراف..رهين البراري..صريع المجهول..بين سائق الطبيعة وأطماع الوحــــش..بين مآ ثر الإقـدام بجلد وصبر..وبين مثـالب الـتراجـع بعـجـز ٍ وضعـف..مـا كـانـت إلا ّ فـتـرة تخلـّـلها النزوع إلى دواخله العتيقة حتى آنس ما كان قد إدّخره من خزين ليثـبَ واقفا ً..شامخــاً يتحدى كواسر الأيام ويباري طوارق الحدثـان..بعد طول تردّد وإنغلاق..فمضى يصارع أنياب الطبيعة ليكسر حواجز القوانين المظلمة ويتعدى إكذوبة اللـّيالي.ويرتضي ما ساقه الحدث دون ملل تحت ظلّ جوانح ملكـته وتأثيراتها..نهض وإذا ببريق الصبح القادم من عمق الأفق القريب يلقي بظلاله على بصره..ليطال جسده المسجّى بين أطلال الماضي الذي قد إنقضى.. وبيــن أكاليل الآتي الذي بدا يتملــّكـه فيحكم فيه ما شاء..ويـملـك منه ما إسـتطاع..لكـنّ بـراثــن ذلـك الشاخص الحاضر يحول بين هذا وذاك فيرتمي في أحضان الأسباب الماثـلة ليعيش فــــي رواكدها متأملا ً بين جواريها..يحكم أقدارها..يبعـث فيها حياتها..يهبها الغد الآتي فيرضيهــا ويحييها..فتسير بأمره..وتدين برأيه..فإن شاء أمسـكهـا..وإن شاء أطلق عنانها..فلا الغـدُ القــادم يلتقي والده الذي مضى..ولا هو يشهد أبنائه الذين يولدون من رحِم الحاضر.فينقـاد ذلـك الرفيق لغريب إلى هذا أو يحيى بذاك..ولكـن هذا وذاك والآتي كله في سفـر طويـل دون مـلـلْ..... 

  العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق