بدياري رفيقة
نوع النص : قصة
إبتهــال
إبتهال فتاة متوسطة الحال ومتخلقةتعمل بمطعم يرتاده الأثرياء
- سيدي :عصير برتقال أم كوكتيل ؟
- في الحقيقة لا أرغب بشيء، أريد أن أبتعد ، أن أرتاح وأن أغفو قليلا ، لذا اخترت هذه الطاولة البعيدة عن الأنظار.
- بعض القطرات سيدي قد تغير رأيك
- رأيي؟!
- عفوا ، قصدي مزاجك
- تعلمين ؟!
- نعم .....لحظة قبل أن تتكلم ، ارتشف قليلا من عصير التوت فقد غيرت عرضي .
- تسلم الكأس وبالكاد لامست شفاهه ذلك الشراب فابتلعه كما يبتلع ريقه مع فرق طفيف في الذوق جامل حنجرته كما جاملها بأخذ كأسها .
- أخذت مقعدا ،واصل سيدي .
- يوجد ببالي إختصار واحد لحياتي يقلقني ، عندما أفتحه أطيل فيه القعود ، أحملق في الأشياء اللتي تقترب شيئا فشيئا في الزمن لتكسر مرآتي فأقف من مجلس أفكاري منتفضا جراء تفاصيل مافعلت ......لا لا لالا.......كيف فعلت ذلك ؟؟!!!
- من فضلك إهدأ سيدي قد كسرت الكأس بين يديك
-أعتذر ، خذي الثمن المستحق ، سأنصرف
-مهلا
- أريد المساعدة
- بكل القوى الخائرة بعد زوبعة من العصبية إستسلم مطولا للبكاء
- مالذي فعلته؟
- أغلق زوايتي عينيه وابتسم بملامح الكآبة والندم
لم أكن مجرما إلا أمام نفسي ، أحببت الركض خلف الأهداف التهمت الزمن لأصل بسرعة البرق لكل ماأطمح إليه ، كان تدبيري يسبق تفكيري ، حاسم في كل أمري، أنفذ قراراتي
لاشيء يتعبني ...إلى أن .....
- أكمل
- صرت بأحسن حال مادية ، تزوجت ثم أغراني منصبي فتطاولت على الأمانة ، أخذت ماليس لي بغير حق ثم أغراني من جديد فتطاولت على الوفاء بالخيانة الزوجية لعدة مرات وأصبحت المتنعم بالمال والجاه والجمال والمعذب بالضمير والأخلاق والدين ، والدتي ، نعم هي والدتي من علمتني ان أحاسب نفسي قبل النوم ، لم أعد أقوى على رفع النظر إليها ، ففي وقار عينيها ينكشف عاري .
ذاك مصحفي الذي لم أغيره رغم ثروتي الطائلة ، غطاه الغبار ولا جرأة لدي لألمسه .
آنستي إني أرغب في العقاب ، أريد أن يفتضح أمري لتنتهي معاناتي وألقي حمل الخطيئة من على كتفي ، أرغب في الصراخ عاليا ، لا أريد أن يسامحني أحد ممن أخطأت في حقهم ، أريد أن أقتص لغيري من نفسي ....
متى سأغسل من الخطايا ......تعبت ......أريد الرااااااحة.
في هذه اللحظات كان يعانق جبينه حافة الطاولة اللتي جلست عليها هي بالمقابل لتسمعه ، قد شعرت بالفشل في إحتوائه فالأمر ليس بالهين ثم إهتدت لحيلة .
- أنت تعجبني ، لا تندم ،أنت جذاب جدا ومازلت شابا وتبدو ذكيا ، لاعليك ، الكل يخطىء ، هون الأمر ولاتحاسب نفسك كثيرا فلست وحدك المذنب في هذا المجتمع .
هل تقبل دعوتي ؟
- اووووف ، ماذا تقولين ؟
- سأخفف عنك
- كانت تبدو جدية رغم جاذبيتها لكنه لم يتعرف إلى وجهتها في ظل التيه الذي يشعر به ، وافق مرتاحا لأول مرة ، فهو على الأقل لم يسع إليها كسابقاتها بل هي من طلبته بعد أن استمعت إليه.
- وكان اللقاء بأفخم مطعم وجناح كبير خصص لهما .
-تبادلا التحية
ثم قالت : هل تريد شيئا معينا مني
قال : ماذا تعنين ؟
قالت: لاشيء
وواصلت حديثها بلطف وحرصت على ان تضع بين جملها إستدراكا يبعده عنها .
- في الحقيقة أريد الإقتراب والتعرف إليك أكثر
قال ،: هاانا أقترب
ضحكت وقالت : لكن الله أقرب فابتعد قليلا عنها .
فاستطردت : لكنك بالمواصفات اللتي انتظرتها طوال حياتي فكيف أتنازل عنك بعد أن أتيت .
قال : الأمر عادي ، يمكنني البقاء معك متى شئت .
قالت : ففيم كان بكاؤك بالأمس .
سيدي ، إن الأمر يحتاج لحسم منك أكثر ، من يريد التوبة لابد له من إصرار و عزم على الإقلاع عن المعاصي ولايكفيه الندم.
حملت مصحفها وناولته إياه :
- من اليوم هولك .
إقرأ وسأقرؤ معك في نفس الوقت من كل يوم وردا حتى يكرمنا الله بختم القرآن ونلتقي مرة أخرى.
عاد إلى منزله وكانت عودته لنفسه ، ببعض الثقة اللتي ضاع
منها الكثير في السنوات الأخيرة .
إتصل بها : سأبدأ .....فبدأت
واستمرا على هذه الحال ، وكانت في كل مرة تعرض عليه القراءة بنية ما ، مرة الرضا ومرة التوبة ومرة الشفاء ومرة الثبات وهكذا....
وكانت تترك السماعة معلقةأحيانا لتسترق السمع لصوته الخاشع المتذلل للرحمن ولتتأكد من سلامة نيته.
قد عادت إليه حيويته وتخلص من مطاردة الشعور بالذنب وبدأ رحلة التصالح مع النفس وأصبح يتقرب إلى الله بالدعاء ، الأفق بدأ يتسع وإرادته تجلدت ، صار كلوفا بشؤون بيته الصغيرة والكبيرة وقد تخلص في عمله من القرارات الخاطئة والتصرفات المبنية على الأطماع .
كلمها في غير وقت الورد :
- إبتهال ، إنني أسير في طريق الإعتدال ، وأشتهي كثيرا عصير التوت.
قالت: عظيم سيدي المحتال
أغلقت الهاتف ، بقي من القرآن اربع سور قصار وقد كانت في كل يوم تضع لمسة باللوحة اللتي كانت ترسم فيها صورته إلى أن اكتملت واكتملت عاطفتها .
وفي الليلة التالية وبعد أن ختما التلاوة وانتهى أجل الإتفاق قامت بالسحر ورفعت يديها لتدعو :
إلهي أنت تعلم بحالي
وأنت أدرى بمآلي
إن كنت راضيا عني فلا أبالي
فاستر علي ياعظيم يامتعالي
ثم صلت فجرها وكتبت رسالتها
ونامت :
من يحب فعلا يتمنى الجنة لمن يحب
قد تعففت لتتعفف
وصبرت لتشفى
وشقيت لتسعد في الدارين
وإني أموت لتعيش في سلام
لم يلتقيا كما كان متفقا عليه لكنها كانت الذكرى الوحيدة اللتي إذا مرت بخاطره لم ينتفض من مجلسه ندما بل فرحا وعزا وافتخارا.
الجزائر
نوع النص : قصة
إبتهــال
إبتهال فتاة متوسطة الحال ومتخلقةتعمل بمطعم يرتاده الأثرياء
- سيدي :عصير برتقال أم كوكتيل ؟
- في الحقيقة لا أرغب بشيء، أريد أن أبتعد ، أن أرتاح وأن أغفو قليلا ، لذا اخترت هذه الطاولة البعيدة عن الأنظار.
- بعض القطرات سيدي قد تغير رأيك
- رأيي؟!
- عفوا ، قصدي مزاجك
- تعلمين ؟!
- نعم .....لحظة قبل أن تتكلم ، ارتشف قليلا من عصير التوت فقد غيرت عرضي .
- تسلم الكأس وبالكاد لامست شفاهه ذلك الشراب فابتلعه كما يبتلع ريقه مع فرق طفيف في الذوق جامل حنجرته كما جاملها بأخذ كأسها .
- أخذت مقعدا ،واصل سيدي .
- يوجد ببالي إختصار واحد لحياتي يقلقني ، عندما أفتحه أطيل فيه القعود ، أحملق في الأشياء اللتي تقترب شيئا فشيئا في الزمن لتكسر مرآتي فأقف من مجلس أفكاري منتفضا جراء تفاصيل مافعلت ......لا لا لالا.......كيف فعلت ذلك ؟؟!!!
- من فضلك إهدأ سيدي قد كسرت الكأس بين يديك
-أعتذر ، خذي الثمن المستحق ، سأنصرف
-مهلا
- أريد المساعدة
- بكل القوى الخائرة بعد زوبعة من العصبية إستسلم مطولا للبكاء
- مالذي فعلته؟
- أغلق زوايتي عينيه وابتسم بملامح الكآبة والندم
لم أكن مجرما إلا أمام نفسي ، أحببت الركض خلف الأهداف التهمت الزمن لأصل بسرعة البرق لكل ماأطمح إليه ، كان تدبيري يسبق تفكيري ، حاسم في كل أمري، أنفذ قراراتي
لاشيء يتعبني ...إلى أن .....
- أكمل
- صرت بأحسن حال مادية ، تزوجت ثم أغراني منصبي فتطاولت على الأمانة ، أخذت ماليس لي بغير حق ثم أغراني من جديد فتطاولت على الوفاء بالخيانة الزوجية لعدة مرات وأصبحت المتنعم بالمال والجاه والجمال والمعذب بالضمير والأخلاق والدين ، والدتي ، نعم هي والدتي من علمتني ان أحاسب نفسي قبل النوم ، لم أعد أقوى على رفع النظر إليها ، ففي وقار عينيها ينكشف عاري .
ذاك مصحفي الذي لم أغيره رغم ثروتي الطائلة ، غطاه الغبار ولا جرأة لدي لألمسه .
آنستي إني أرغب في العقاب ، أريد أن يفتضح أمري لتنتهي معاناتي وألقي حمل الخطيئة من على كتفي ، أرغب في الصراخ عاليا ، لا أريد أن يسامحني أحد ممن أخطأت في حقهم ، أريد أن أقتص لغيري من نفسي ....
متى سأغسل من الخطايا ......تعبت ......أريد الرااااااحة.
في هذه اللحظات كان يعانق جبينه حافة الطاولة اللتي جلست عليها هي بالمقابل لتسمعه ، قد شعرت بالفشل في إحتوائه فالأمر ليس بالهين ثم إهتدت لحيلة .
- أنت تعجبني ، لا تندم ،أنت جذاب جدا ومازلت شابا وتبدو ذكيا ، لاعليك ، الكل يخطىء ، هون الأمر ولاتحاسب نفسك كثيرا فلست وحدك المذنب في هذا المجتمع .
هل تقبل دعوتي ؟
- اووووف ، ماذا تقولين ؟
- سأخفف عنك
- كانت تبدو جدية رغم جاذبيتها لكنه لم يتعرف إلى وجهتها في ظل التيه الذي يشعر به ، وافق مرتاحا لأول مرة ، فهو على الأقل لم يسع إليها كسابقاتها بل هي من طلبته بعد أن استمعت إليه.
- وكان اللقاء بأفخم مطعم وجناح كبير خصص لهما .
-تبادلا التحية
ثم قالت : هل تريد شيئا معينا مني
قال : ماذا تعنين ؟
قالت: لاشيء
وواصلت حديثها بلطف وحرصت على ان تضع بين جملها إستدراكا يبعده عنها .
- في الحقيقة أريد الإقتراب والتعرف إليك أكثر
قال ،: هاانا أقترب
ضحكت وقالت : لكن الله أقرب فابتعد قليلا عنها .
فاستطردت : لكنك بالمواصفات اللتي انتظرتها طوال حياتي فكيف أتنازل عنك بعد أن أتيت .
قال : الأمر عادي ، يمكنني البقاء معك متى شئت .
قالت : ففيم كان بكاؤك بالأمس .
سيدي ، إن الأمر يحتاج لحسم منك أكثر ، من يريد التوبة لابد له من إصرار و عزم على الإقلاع عن المعاصي ولايكفيه الندم.
حملت مصحفها وناولته إياه :
- من اليوم هولك .
إقرأ وسأقرؤ معك في نفس الوقت من كل يوم وردا حتى يكرمنا الله بختم القرآن ونلتقي مرة أخرى.
عاد إلى منزله وكانت عودته لنفسه ، ببعض الثقة اللتي ضاع
منها الكثير في السنوات الأخيرة .
إتصل بها : سأبدأ .....فبدأت
واستمرا على هذه الحال ، وكانت في كل مرة تعرض عليه القراءة بنية ما ، مرة الرضا ومرة التوبة ومرة الشفاء ومرة الثبات وهكذا....
وكانت تترك السماعة معلقةأحيانا لتسترق السمع لصوته الخاشع المتذلل للرحمن ولتتأكد من سلامة نيته.
قد عادت إليه حيويته وتخلص من مطاردة الشعور بالذنب وبدأ رحلة التصالح مع النفس وأصبح يتقرب إلى الله بالدعاء ، الأفق بدأ يتسع وإرادته تجلدت ، صار كلوفا بشؤون بيته الصغيرة والكبيرة وقد تخلص في عمله من القرارات الخاطئة والتصرفات المبنية على الأطماع .
كلمها في غير وقت الورد :
- إبتهال ، إنني أسير في طريق الإعتدال ، وأشتهي كثيرا عصير التوت.
قالت: عظيم سيدي المحتال
أغلقت الهاتف ، بقي من القرآن اربع سور قصار وقد كانت في كل يوم تضع لمسة باللوحة اللتي كانت ترسم فيها صورته إلى أن اكتملت واكتملت عاطفتها .
وفي الليلة التالية وبعد أن ختما التلاوة وانتهى أجل الإتفاق قامت بالسحر ورفعت يديها لتدعو :
إلهي أنت تعلم بحالي
وأنت أدرى بمآلي
إن كنت راضيا عني فلا أبالي
فاستر علي ياعظيم يامتعالي
ثم صلت فجرها وكتبت رسالتها
ونامت :
من يحب فعلا يتمنى الجنة لمن يحب
قد تعففت لتتعفف
وصبرت لتشفى
وشقيت لتسعد في الدارين
وإني أموت لتعيش في سلام
لم يلتقيا كما كان متفقا عليه لكنها كانت الذكرى الوحيدة اللتي إذا مرت بخاطره لم ينتفض من مجلسه ندما بل فرحا وعزا وافتخارا.
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق