عبدالزهرة خالد
الشيخ إمام
————
تبادل المعلومات والأفكار وآخر الأخبار المقروءة والمسموعة تكون في معظم ليالي السهر الشتوية والصيفية ، لم تكن هذه المعلومات تمر مرور الكرام بل نلمس بشرتها ونتحسس طولها وعرضها وهل تلائم الموسم والوضع الأمني. الدخول الى الجيش لإكمال الخدمة الإلزامية مرحلة صعبة وخطرة قد تحدد فيها طريقك ويتشعب حسب قياس الوعورة والتبليط. استمرت صداقتنا منذ الدراسة الجامعية فلم نختلط بباقي الأجناس منذ السنة الأخيرة عقدت العزم على مواصلتها ( الصداقة ) حسب النموذج المراد في بناء الحياة المستقبلية .
الغرفة المؤجرة في أحد الأحياء الواقعة في شارع ………وسط بغداد تلم شملنا في أغلب الليالي الشتوية مع البساط المطروح على أرضية الغرفة ، يتوزع الانتباه بين الحديث والنقاش والاستماع إلى (شيخ إمام عيسى) المغني في تلك السنوات عبر ( المسجلات ) تتناقلها الأشرطة حيث تعبر المنافذ الحدودية عندما يكتب على متنها عبارة ( أم كلثوم ) أو أي مطرب عربي كما فعلها الذي طلبت منه أن يجلب لي من مصر أغانيه وقبلهم كان أحد اصدقائي يجاور غرفتي سوادني الجنسية مقيم في الكويت وأعترف لي أنه ينتمي إلى الحزب ……… وحذرته اعلان ذلك أمام الأخرين .
[الشيخ إمام واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى (2 يوليو 1918 - 7 يونيو 1995)، ولد في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة وكان أول من يعيش لها من الذكور حيث مات منهم قبله سبعة ثم تلاه أخ وأخت.] أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد...
منذ ذلك الوقت أقتني وأحتفظ بأشرطة عديدة للمناضل (شيخ إمام) فيها أغان من شعر الشاعر ( أحمد فؤاد نجم ) وأعتقد ديوانه الوحيد الذي لم أبيعه أيام الحصار عندما بعت أغلب الكتب والمجلات لأجل شراء ( الطماطم والدقيق ) . في وسطِ السبعينات كانت مثل هذه الأغاني من الممنوعات( كالكتب والشعر ) فعليه لابد الاستماع إليها بشكل خافت جداً. في أحد الأيام عند عودتي من الدائرة التي أخدم فيها الخدمة الإلزامية فوجئت بكسر قفل باب الغرفة وملابسي مبعثرة مع بعض الأغراض لكني تأكدت من فقدان ( الكاسيت ) الذي يحتوي على أغنية ( أنشودة الأولة آه والتانية آه ) للشيخ إمام والله أعلم هل المخابرات قامت بهذه العملية أم أحد أصدقائي ولم يستطع صديقي السوداني من تعويضي ما فقدته .
بعد سنة واحدة من وفاة أخي لا يمكنني تشغيل التلفاز أو السماع إلى الموسيقى أو الأغاني طبقاً للعرف المجتمعي الخاص بالحزن إلا الاستماع الى مثل أغاني الشيخ إمام لأن أكثرهم لا يعرفون ما يقول ثانيا يقتصر موسيقاه بالعود الراقي الخاص به فقط وكان صديقي المرحوم صلاح من المتابعين لهذا الفن الهادف الذي أنفرد به المغني والشاعر به في ذلك الوقت حيث كنا نتبادل الأشرطة والأشعار . تعتبر أناشيده جزءا مهما من نضاله ضد الحكام ولنشر فكره السياسي بديلاً عن الكفاح المسلح فكانت بالفعل فترة نضالية مسالمة بحدود المحافظة على الموروث الأدبي على عكس نضال السنوات الأخيرة التي تحرق الأخضر واليابس .
الشيخ إمام عيسى هو مغنٍ وملحن مصري اشتُهر بأغانيه السياسية الناقدة وكانت أغانيه طابعًا لمرحلةٍ كاملة من تاريخ مصر والعربكان بالحقيقة لا يعاب عليه كونه مؤذن الثوار وفي تلك الحقبة نشأت الثوارات الأشتراكية والقومية وغيرها التي دخلت معظم بلدان العالم الثالث مثلما دخلت على بلداننا الثورات الإسلامية مؤخراً..
الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ العربي، فلم يسبق لموسيقي أو مغني أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا كما فعل الشيخ.لم أكن أبغِ أبداً الدعاية للمنشد ( المغني ) الشيخ إمام بل ذكرني به عندما جربت كيفية الدخول إلى [YouTube] فأدخلت الاسم وإذا بسلسلة الأغاني المخزونةِ عندي في كاسيتات في المخزن مع العشرات من الأشرطة التي تحتفظ باسماء الكبار أمثال محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وغيرهم .وأذكر بعض أناشيده ( آه يا عبدالودود) ( ناح النواح ) ( الخط ده خطي ) و ( جيفارا مات ) .
—————
البصرة /
الشيخ إمام
————
تبادل المعلومات والأفكار وآخر الأخبار المقروءة والمسموعة تكون في معظم ليالي السهر الشتوية والصيفية ، لم تكن هذه المعلومات تمر مرور الكرام بل نلمس بشرتها ونتحسس طولها وعرضها وهل تلائم الموسم والوضع الأمني. الدخول الى الجيش لإكمال الخدمة الإلزامية مرحلة صعبة وخطرة قد تحدد فيها طريقك ويتشعب حسب قياس الوعورة والتبليط. استمرت صداقتنا منذ الدراسة الجامعية فلم نختلط بباقي الأجناس منذ السنة الأخيرة عقدت العزم على مواصلتها ( الصداقة ) حسب النموذج المراد في بناء الحياة المستقبلية .
الغرفة المؤجرة في أحد الأحياء الواقعة في شارع ………وسط بغداد تلم شملنا في أغلب الليالي الشتوية مع البساط المطروح على أرضية الغرفة ، يتوزع الانتباه بين الحديث والنقاش والاستماع إلى (شيخ إمام عيسى) المغني في تلك السنوات عبر ( المسجلات ) تتناقلها الأشرطة حيث تعبر المنافذ الحدودية عندما يكتب على متنها عبارة ( أم كلثوم ) أو أي مطرب عربي كما فعلها الذي طلبت منه أن يجلب لي من مصر أغانيه وقبلهم كان أحد اصدقائي يجاور غرفتي سوادني الجنسية مقيم في الكويت وأعترف لي أنه ينتمي إلى الحزب ……… وحذرته اعلان ذلك أمام الأخرين .
[الشيخ إمام واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى (2 يوليو 1918 - 7 يونيو 1995)، ولد في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة وكان أول من يعيش لها من الذكور حيث مات منهم قبله سبعة ثم تلاه أخ وأخت.] أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد...
منذ ذلك الوقت أقتني وأحتفظ بأشرطة عديدة للمناضل (شيخ إمام) فيها أغان من شعر الشاعر ( أحمد فؤاد نجم ) وأعتقد ديوانه الوحيد الذي لم أبيعه أيام الحصار عندما بعت أغلب الكتب والمجلات لأجل شراء ( الطماطم والدقيق ) . في وسطِ السبعينات كانت مثل هذه الأغاني من الممنوعات( كالكتب والشعر ) فعليه لابد الاستماع إليها بشكل خافت جداً. في أحد الأيام عند عودتي من الدائرة التي أخدم فيها الخدمة الإلزامية فوجئت بكسر قفل باب الغرفة وملابسي مبعثرة مع بعض الأغراض لكني تأكدت من فقدان ( الكاسيت ) الذي يحتوي على أغنية ( أنشودة الأولة آه والتانية آه ) للشيخ إمام والله أعلم هل المخابرات قامت بهذه العملية أم أحد أصدقائي ولم يستطع صديقي السوداني من تعويضي ما فقدته .
بعد سنة واحدة من وفاة أخي لا يمكنني تشغيل التلفاز أو السماع إلى الموسيقى أو الأغاني طبقاً للعرف المجتمعي الخاص بالحزن إلا الاستماع الى مثل أغاني الشيخ إمام لأن أكثرهم لا يعرفون ما يقول ثانيا يقتصر موسيقاه بالعود الراقي الخاص به فقط وكان صديقي المرحوم صلاح من المتابعين لهذا الفن الهادف الذي أنفرد به المغني والشاعر به في ذلك الوقت حيث كنا نتبادل الأشرطة والأشعار . تعتبر أناشيده جزءا مهما من نضاله ضد الحكام ولنشر فكره السياسي بديلاً عن الكفاح المسلح فكانت بالفعل فترة نضالية مسالمة بحدود المحافظة على الموروث الأدبي على عكس نضال السنوات الأخيرة التي تحرق الأخضر واليابس .
الشيخ إمام عيسى هو مغنٍ وملحن مصري اشتُهر بأغانيه السياسية الناقدة وكانت أغانيه طابعًا لمرحلةٍ كاملة من تاريخ مصر والعربكان بالحقيقة لا يعاب عليه كونه مؤذن الثوار وفي تلك الحقبة نشأت الثوارات الأشتراكية والقومية وغيرها التي دخلت معظم بلدان العالم الثالث مثلما دخلت على بلداننا الثورات الإسلامية مؤخراً..
الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ العربي، فلم يسبق لموسيقي أو مغني أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا كما فعل الشيخ.لم أكن أبغِ أبداً الدعاية للمنشد ( المغني ) الشيخ إمام بل ذكرني به عندما جربت كيفية الدخول إلى [YouTube] فأدخلت الاسم وإذا بسلسلة الأغاني المخزونةِ عندي في كاسيتات في المخزن مع العشرات من الأشرطة التي تحتفظ باسماء الكبار أمثال محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وغيرهم .وأذكر بعض أناشيده ( آه يا عبدالودود) ( ناح النواح ) ( الخط ده خطي ) و ( جيفارا مات ) .
—————
البصرة /
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق